أيمن الحسنين يكتب : الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق.. بين الإبداع والتهديد

في عصر يتطور فيه الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة، ظهرت تقنيات تثير إعجاب العالم بقدر ما تثير مخاوفه، وأبرزها :

التزييف العميق (Deepfake).

هذه التقنية التي تعتمد على خوارزميات التعلم العميق تتيح إنشاء صور وفيديوهات مزيفة تبدو حقيقية إلى درجة يصعب تمييزها. لكن بين الاستخدامات الإبداعية والمخاطر الأمنية، أين يقف العالم اليوم؟  

ما هو التزييف العميق؟

  التزييف العميق هو نتاج دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة *الشبكات العصبية التوليدية (GANs)، التي تتعلم من كميات هائلة من البيانات لإنشاء محتوى مزيف يشبه الواقع إلى حد كبير. بدأ الأمر بتحرير الصور، ثم تطور إلى مقاطع فيديو تُظهر أشخاصًا يقولون أو يفعلون أشياء لم يقولوها أو يفعلوها أبدًا.  

الاستخدامات الإيجابية: فن وإعلام وتعليم

  ليس كل استخدامات التزييف العميق ضارًا، فهناك جوانب إبداعية مثل:

  - إنتاج الأفلام: إعادة إحياء الممثلين المتوفين أو تغيير المشاهد دون الحاجة إلى تصوير جديد.  

- التعليم والتدريب: محاكاة شخصيات تاريخية أو سيناريوهات طبية واقعية للطلاب.  

- الإعلانات والتسويق: تخصيص المحتوى الإعلاني ليلائم جماهير مختلفة بطرق مبتكرة.  

 الجانب المظلم: التضليل والاحتيال وانتهاك الخصوصية

رغم الفوائد، فإن التزييف العميق يحمل مخاطر جسيمة، منها:  

1. الأخبار المزيفة: فيديوهات مزيفة لقادة سياسيين أو مشاهير يمكن أن تسبب اضطرابات اجتماعية أو تأثيرات انتخابية.   2. الابتزاز وانتهاك الخصوصية: إنشاء مقاطع إباحية مزيفة باستخدام وجوه شخصيات عامة أو حتى أشخاص عاديين.

  3. الاحتيال المالي: انتحال شخصيات مسؤولين في شركات لخداع الموظفين أو العملاء.  

 كيف يمكن مواجهة التزييف العميق؟

   تسعى الحكومات والشركات التقنية إلى تطوير حلول مثل:  

-أدوات كشف التزييف: مثل تقنيات تعلم الآلة التي تبحث عن عدم اتساق في الإضاءة أو النبضات الحيوية في الفيديو.  

- تشريعات صارمة: بعض الدول بدأت تجرّم إنشاء أو نشر المحتوى المزيف دون موافقة الأفراد.  

- التوعية الرقمية: تعليم الجمهور كيفية التحقق من صحة المحتوى قبل مشاركته.

 الخلاصة: ثورة تحتاج إلى ضوابط

التزييف العميق يمثل واحدة من أكثر تقنيات الذكاء الاصطناعي إثارة للجدل. بين إمكاناته الإبداعية الكبيرة ومخاطره الأمنية الخطيرة، يصبح من الضروري وضع إطار أخلاقي وقانوني لضمان استخدامه بشكل مسؤول. ففي عالم حيث "رؤية ليس believing"، يصبح السؤال الأهم: *هل نحن مستعدون لمواجهة عصر الواقع المزيف؟.